نهاية ٢٠١٧ اكتسبت عادة جديد متعبة اسمها “لو”
سيطرت هذه الـ “لو” على تفكيري وتصرفاتي، جعلتني في حالة طوارئ مستمرة، بدأت أشك في تصرفاتي وقراراتي قبل اتخاذها حتى, كانت الفعل العفوي بعد أي فكرة أو اقتراح، وأصبحت كلمة السنوات الاحقة حتى وصلت لمرحلة أشبه بالهذيان، جعلتني في حيرة لدرجة فقدت قدرتي على اختيار نوع القهوة، وانتهيت بطلب نوعين كل يوم حتى أتجنب ظهورها.
أصبح الندم الطابع الواضح لحياتي اليومية، بالرغم من تذكيري المستمر لنفسي بضرره وتأثيره السلبي، الا أن “لو” كان حضورها أكبر وأكثر قوة.
هربًا من التفكير والندم المستمرين، كنت أختار دائمًا الخيار الأول المطروح بدون تفكير في رغبتي الحقيقية أو احتياجي أو مصلحتي العامة، كانت اختياراتي لحظية دافعها الهروب من اللحظة والندم.
“أبي أسامح نفسي” كانت هذه الجملة الأولى التي قلتها لمعالجة السلوك في زيارتي الأولى لها في 2021، وعندما سألتني: على ايش؟
دار شريط حياتي في رأسي، على ايش؟ على كل شي، على قراراتي الخاطئة، على اهمالي لصحتي، على كسلي، على خذلاني لنفسي.
“على ندمي المستمر” كان هذا الجواب الصحيح الذي لم أملك جرأة على نطقه.
الندم الذي هدم لذة التفاصيل الصغيرة، وصار اعداد وجبة بسيطة يتطلب جهدًا ذهنيًا مضاعفا حتى لا تظهر “لو” لاحقًا.
توقفت عن ممارسة أمور أساسية في حياة أي انسان، مثل التسوق أو الذهاب للحديقة أو ممارسة أي أمر له خيارين وأكثر.
كان يغذي قلقي محيطي المتغير باستمرار, مثل السفر المتكرر أو القرارات الكبيرة المفاجئة أو عدم الاستقرار المادي, حتى تغيير جدول النوم كان محفز كبير للقلق.
كان ومازال يصاحب القلق صعوبة الالتزام بأي جدول أو مواعيد, اما التزام صريح وقلق من التأخير دقائق أو تأجيل والغاء, لفترات طويلة كنت أتساءل كيف يستطيع الآخرين حضور مواعيد الليزر وجلسات العناية بالبشرة؟ كيف لاتشكل هذه المواعيد عائق وهم كبيرين في حياتهم! أتذكر بعض المواعيد البسيطة مثل جلسة لا تتجاوز 10 دقائق, أقضي ليلة كاملة قبلها أتقلب في محاولة للنوم, أتذكر بشكل واضح كيف يضيق نفسي وأنا أمام طاولة الاستقبال في العيادات.
كل ماكان يحدث في حياتي كان مؤشر صريح وواضح لوجود مشكلة كبيرة كانت تحتاج التفاتة وتوجيه ووعي.
قادتني “لو” للاجترار, اجترار الذكريات والمواقف طوال الوقت, أدخلني هذا في مزاج تعيس, ازداد بشكل ملحوظ بعد خسارة عدة علاقات, وصارت الحياة تقوم على الماضي وليس الحاضر, مشكلة الاجترار أنه يتحول مع الوقت لعادة تنسى كيف ولماذا بدأت, وتصبح الحياة معها يومًا بعد يوم أصعب وأشد تعقيدًا.
بدأت أشعر مع مرور الوقت بأني خرجت عن السيطرة وأن شخص آخر يتحكم بقراراتي وحياتي.
كنت ضايعة بشكل حرفي, أجهل الوجهة وأجهل الحل وأجهل المشكلة, لكني متيقنة من وجودها.
سأشارك معكم في التدوينات القادمة كيف بدأت رحلة العلاج والمصادر التي اعتمدت عليها بعد الله في رحلتي المستمرة لليوم.
دمتم سالمين آمنين مطمئمنين <3
اترك تعليقاً