في ديسمبر أكمل ١٠ سنوات في الحياة المهنية؛ تنقلت فيها بين عدة شركات وعملت مع مدراء بشخصيات وخلفيات مختلفة، أدرت فرق عمل منوعة ودربت العديد من طلبة الجامعات، قدمت دورات عديدة في مجال التسويق الرقمي.
حصلت على شهادتين ماجستير أثناء عملي وأسست مؤسسة صغيرة عملت على تشغيلها لمدة سنتين واستقلت منها.
قد تبدو ١٠ سنوات رحلة طويلة؛ لكنها بصدق مرت كلمح البصر، وكأني البارحة أحمل شهاداتي وملفاتي وأبحث عن عمل بين البنوك والشركات والمدارس.
تعلمت في هذه السنوات العشر قيمة أن أكون انسان؛ أتطور وأشعر وأقدر وأتفهم؛ وليس آله هدفها الأول والأخير أن تنجز بغض النظر عن من تسحق أو تكسر أو تهمش خلال هذا الانجاز؛ أخطأت بالتأكيد في مواقف عديدة وربما ظلمت أو قسوت لكنها بشريتي التي لا مفرمنها
أعتبرها تجربة تجمع الأضداد, طويلة وقصيرة سريعة وبطيئة ممتلئة وفارغة, يصعب تصنيفها كما يصعب تصديقي لمرورها كأنها أيام وليست سنوات
جمعت 10 نصائح أعتبرها كنز أخلاقي قبل أن يكون مهني تعلمتهم بعد أن خسرت وربحت, تعلمتهم بالطريقة الصعبة.
١- لاتستعجل أمجادك، المنصب سيأتي والراتب الضخم الذي يفوق احتياجك سيأتي، استمتع بتدرجك الوظيفي وتعلم وابني علاقات صحية وتمهل في الحكم واتخاذ القرارات.
٢- اختر مديرك، لأنه سيحول حياتك المهنية لجنة أو نار؛ بشكل حقيقي وليس تشبيه مجازي؛ ستتعلم من مهاراته كما ستتعلم من جهله؛المدير المتعجرف عدو نفسه؛ وستجد نفسك بشكل لا ارادي تنجرف معه لحروبه ومشاكله في التواصل وعدم وضوحه وعلاقاته المتشابكة وتفضيلاته الشخصية.
اختيار المدير ليس بالأمر السهل بالطبع؛ لكن ان حصلت لك الفرصة ف بالتأكيد اسأل عنه بشكل تفصيلي وقابله عدة مرات قبل موافقتك على العرض الوظيفي.
٤- ابحث عن الأفضل بهدوء؛ عملية البحث عن الأفضل عملية مستمرة لاتتوقف؛ لكن لايعني هذا عداوات مستمرة مع عملك الحالي ولا يعني اعلان عام في مكان عملك “انا ابحث عن وظيفة” ولا يعني أن تهمل واجباتك المهنية وتتجاهلها لأنك “طالع طالع” لن تترك خلفك الا أثرك وذكرك الطيب وسمعتك التي ستمتد لمكان عملك الجديد وقد تتفاجأ بعد عدة سنوات بمقابلة وظيفية يسألونك فيها عن أول وظيفة عملت بها.
٥- تمن الخير للجميع ولا تحتكر النجاح أو الفرص لنفسك, مد يدك لزملائك وشاركهم الفرص, الثناء مغري والتفرد بالنجاح أكثر اغراء لكنه يتحول مع الأيام لسلوك أناني يلتصق بشخصيتك ويصعب التخلص منه,
٦- لاتغتر بعلمك, فهناك دائمًا من هو أعلم وأعرف وأكثر خبرة, وسنواتك الطويلة في المجال لا تعني أنك الأفضل, تعلمت من متدربي جامعات مالم أتعلمه من كتب ومحاضرات ودورات, وألهمني زملاء في أقسام مختلفة تمامًا عن مجالي بأفكار وحلول لم تخطر لي.
٧- اعمل في كل المجالات, خاصة في بداياتك, كل خطوة في عملك من تعبئة البيانات الى ادارة فريق هي بالضرورة اضافة واثراء وفرصة للتعلم, لا تتقوقع وتتمسك بفكرة ومسار واحد, انفتح للعالم.
٨- تجارب حياتك تثري مجالك المهني, أنت قبل كل شئ انسان, لك هواياتك واهتماماتك, لا تبخس تجارب حياتك, ولا تحتكر نفسك وعقلك للعمل, العالم رحب ومتتلء بالتجارب الجديدة, خاصة في عمر العشرينات حيث الشباب والقوة والتهور والابداع والاقدام, كلها مميزات لهذا العمر تخبو بشكل تدريجي مع التقدم, لا تضع حدودًا لنفسك, اقدم وجرب وسترى أثره الايجابي على مهنتك.
٩- طور نفسك, بالدورات والكتب والمحاضرات, العمل تعليم مستمر, لا تضع حدًا لعلاقتك بالكتاب مع آخر اختبار بالجامعة, التعلم الذاتي والتطور المستمر ضرورة في رتم حياتنا السريع, حتى وان لم تكن تسعى للتميز في عملك, تطوير النفس ينعكس على جميع جوانب حياتك المهنية والاجتماعية والنفسية.
١٠- ترفع عن الاشاعات, من أصعب الأمور التي تتعامل معها في بيئة الاشاعات “القيل والقال” ومن الصعب للغاية عزل نفسك عنها, انتهت علاقات طويلة بسبب اشاعة عمل ودخل موظفين في اكتئاب مهني بسبب اشاعات العمل, حاسب على ماتقوله وحاول قدر الامكان “فلترة” وتصفية ماتسمعه, قد يكون مفيد أحيانًا لتحذر من أشخاص معينين لكنه سام للغاية اذا كان طابع عملك اليومي واحذر احذر من أن تبني أي فكرة أو صورة عن أشخاص بناء على ماسمعته من آخر, فلكل قصد ظروفها وزمنها.
أخيرا؛ أنت أنت لا منصبك ولا عدد الدورات بجانب اسمك ولا حجم فريقك ولا أهمية عملك؛ أنت بقيمتك التي تنبع من داخلك، بمبادئك ونبلك وأخلاقك وحسن عشرتك وابتسامتك ودبلوماسيتك وتعاطفك وتجاربك ومحاولاتك المستمره للتعايش والتأقلم.
التعليقات (1)
بشرى العثمانsays:
27 ديسمبر، 2022 في 5:59 مجميل جداً ، وقعت على النقال صدفة .. وأعجبتني كثيرا قدرتك على تلخيص أعوامك الماضية ..
والحقيقة أن أكثر ما لفتني هو تخصصك القريب من تخصصي .. وتساءلت في نفسي عن تنقلك الوظيفي كيف كان مع شرط اختيار المدير ….
وأخيراً تمنيت لقاءك شخصياً …