مراجعة رواية شقيقة قلبي – شاتيرا بانرجي

كانت هذه أولى تجاربي مع الأدب الهندي، ومن خلال رواية شقيقة قلبي وجدت نفسي أغوص في عالمٍ جديد مليء بالتناقضات، حيث العادات والتقاليد العريقة تصطدم بأحلام جيل يتوق للتغيير

 الحكاية

تدور أحداث الرواية داخل أحد قصور دلهي القديمة، حيث تولد الطفلتان آنجي وسدهى بفارق أيام قليلة فقط. تكبر الفتاتان كأختين رغم أن لكل منهما أم مختلفة، في بيتٍ مثقل بالماضي العائلي، وبقيود اسم عائلة فقدت ثروتها لكنها ما زالت تتمسك بمكانتها الاجتماعية.
تتولى تربيتهما مجموعة من الأمهات وسائق مشوّه الوجه يصبح أقرب إلى الوصي على حياتهما، حتى بلوغهما المراهقة وما بعدها من زواج وتجارب شخصية صاخبة

 الشخصيات والصراع

آنجي: عاشقة للكتب، تميل إلى الأدب والفكر، وتساعد والدتها في المكتبة العائلية. تمثل صوت العقل والإصرار، لكنها في بعض المواقف خذلتني كقارئة تمامًا كما خذلت نفسي في لحظات من حياتي الواقعية. ومع ذلك، تركتني في النهاية فخورة بها

سدهى: ابنة أم كسولة وسلبية، تعيش في عالم من الأحلام الوردية وتنتظر “فارس الأحلام”. تمثل النموذج التقليدي للفتاة التي لم تتحرر بعد من قيود النظرة الاجتماعية

من خلالهما نرى الصراع الأزلي بين جيل قديم يحمي التقاليد بصرامة وجيل جديد يتوق للحرية والانفتاح. صراع لا يخص الهند وحدها، بل يذكّرنا بما نعيشه نحن أيضًا في مجتمعاتنا العربية، خصوصًا حول دور المرأة وحدودها في البيت والعمل

🔍 أبعاد أعمق

الرواية ليست مجرد حكاية عائلية، بل تسلط الضوء على الأسرار التي تثقل القلوب، وكيف يغيّر اكتشاف سر عائلي كبير ملامح الحياة بالكامل. هنا تظهر براعة الكاتبة في تصوير الصراع النفسي بين الحب والغيرة، بين الغضب واليأس، وبين الرغبة في الانتقام والتسامح

كما أن النص مليء بالتفاصيل عن العادات والتقاليد الهندية: الزواج، تنشئة الأبناء، دور العائلة الممتدة، العلاقة مع التعليم والعمل، وحتى الطقوس الاجتماعية. هذه الخلفية الثقافية تضيف للرواية نكهة خاصة وتجعلها نافذة على عالم مختلف

 الأسلوب واللغة

ترجمة أسماء المطيري كانت رشيقة وأنيقة، حافظت على قوة اللغة وأوصلت للقارئ روح النص الأصلي
الكاتبة تنسج الأحداث بروح الأعمال الهندية: تشويق، مفاجآت، تقلبات درامية قد يراها البعض “مبالغة”، لكنها جزء من هوية الأدب والفن الهندي
ابتداءً من منتصف الرواية تتضح خيوط غموض تشد القارئ أكثر مع كل فصل

 انطباعي الشخصي

وجدت نفسي في شخصية آنجي: في قوتها، طموحاتها، وحتى في لحظات ضعفها –
الرواية جعلتني أفكر بعمق في تشابه معارك الشباب في الشرق، مهما اختلفت اللغة والدين والثقافة –
تمنيت أن تنال الرواية حظًا أوفر من الاهتمام على مواقع القراءة، فهي عمل يستحق النقاش والتأمل –

 خلاصة

رواية شقيقة قلبي رحلة ممتعة بين صفحاتها، تحمل القارئ إلى قصر في دلهي حيث تختلط الأسرار بالعادات، والصراع النفسي بالحب والخيانة. وهي خيار مثالي لقراء هذا الصيف: استلقِ في زاويتك المفضلة مع كوب عصير ليمون منعش واترك الرواية تأخذك في دهاليزها

you may also like

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *