اضغط على ESC للإغلاق

2018 سنة متداخلة

طلبت مني احدى المتابعات في انستقرام كتابة تدوينة عن 2018 السنة الأكثر توترًا وارهاقًا وتداخلا في حياتي.
بدأت التخطيط ل 2018 من منتصف 2017 كنت وصلت لقمة مللي من الحياة والروتين والعمل ومشاكله وتداخل علاقاته, كل شي كان باهت وبلا طعم, قررت في منتصف السنة أستقيل فجأة وبدون مقدمات وبدون ادخار مالي وأيضًا من غير تخطيط مسبق قدمت على برنامج ماجستير يتطلب السفر الى ايطاليا لفترة من الوقت.
بدأت التخطيط لسنة حرة من العمل الرسمي ومليئة بالسفر .. وبدأتها بسفرة طويلة نسبيًا الى اسطنبول, استلفت مبلغ كبير من المال وانطلقت, حققت هناك حلم من أحلامي وربما كان هو الدافع لاصراري على الخطة.
بعد عودتي من اسطنبول بأسبوعين تقريبًا ظهر قبولي في برنامج الماجستير الذي كان يتطلب تسديد الرسوم خلال فترة محدودة, وهنا أيضًا اضطررت لاستلاف مبلغ كبير آخر لتسديد الرسوم. ودخلت 2018 وأنا غارقة في الديون وبلا عمل رسمي بارادتي.
بعد استقالتي قُدمت لي العديد من العروض الوظيفية من جهات مختلفة لكن لم أكن في صفاء ذهني يسمح لي بالالتزام بعمل وساعات دوام وفريق .. الخ, لذلك بدأت باستقبال بعض المشاريع والعمل عليها ثم بدأت بتقديم بعض الدورات واستطعت بهذه الطريقة سداد بعض المبالغ.

خططت ل 2018 بدقة, لكن لم يتحقق من الخطة الا 10% منها والباقي كان أبعد مايكون عن الخطة والهدف والخيال أيضًا, كنت دائمًا أهرب لهيفاء, أتكلم بلا توقف حتى أتعب وأحيانًا في منتصف حديثي معها أشعر برغبة في النوم, أحيانًا أرغب في البكاء, وأحيانًا فقط أرغب في الاستماع.
سمية تحملتني كثيرًا, وتقريبًا أكثر من أي شخص آخر .. كانت بشكل يومي تخرج معي لمقهى قريب ونجلس ساعات صامتين وأحيانًا أخرى تبحث عن حلول لواجباتي المعقدة أو تساعدني في حلها.
نمت مرة في منزلها من شدة التعب, لم أستطع الرجوع للمنزل, عندما استيقظت أخبرتني أني كنت “أون” أثناء النوم, كانت قدماي تؤلماني لدرجة تعيقني أحيانًا عن المشي, وجدتها فجأة تدهن قدمي وتضغط عليهم, هذا الموقف لن أنساه أبدًا.
ريما .. دفعتني بكل ماتملك, ساعدتني في تحليل نتائج البحث, فتحت لي بيتها طوال أيام الأسبوع, تحملت مزاجي الحاد, وقفت في وجه قرار انسحابي من الجامعة, ولم تمل من تكرار نفس الكلام في كل مرة.
سمية وريما, تحملوا افسادي لليالي نهاية الأسبوع, كنا نخطط لليلة الخميس طوال الأسبوع وعندما تحين أتكور على الكنبة وأنام قبل بداية الفلم حتى, نمت في جميع الليالي بلا استثناء.

احتفل الأصدقاء بزواجي كما لم أحتفل أنا وفعلا ممتنة من أعماق قلبي على هذا اللطف, سارة وأنفال وأروى وزبيدة وأمل وبثينة وريما وسمية ونوف وايمان وجميع من هنأني ودعمني وشجعني, أنتم أبطال هذه السنة ونكهة أيامها اللذيذة.

سافرت كثيرًا على عجل, أو بشكل أدق كل رحلاتي فيها كانت على عجل, لم أجد الوقت لتجهيز حقيبتي قبل الرحلة ب 24 ساعة

لم تكن سهلة, كنت في بعض الأيام أبكي أكثر من 5 ساعات متواصلة, في بعض الليالي شعرت أني الأتعس والأقل حظًا وفي بعضها لم أشعر بشئ, كنت أعيش وأعمل لأن هذا المطلوب حاليًا ولا وقت للتفكير بشئ آخر.

أعجبني وصفها ب “سنة متداخلة” لأنها فعلا متداخلة بشكل معقد تقريبًا, حاولت عدة مرات الكتابة في أجندتي عنها لكن لم أستطع فصل أحداثها, بالضبط “متداخلة” مثل هذه التدوينة!

زرت 7 مدن حول العالم: فينيسيا وباريس وميلان وبادوفا وموريشوس واسطنبول ودبي وروما, مشيت تحت الثلج في باريس وأكلت العديد من أطباق الباستا والبيتزا, زرت أسواق المزارعين ونمت في غرف الفنادق وحيدة لأول مرة في حياتي, وتذوقت ألذ كعكة برتقال حتى الآن وسأكتب عنها في تدوينة باريس ان شاء الله, رميت “قرش” في نافورة تريفي في روما وهذا كان أحد أحلامي لفترة طويلة جدًا.

حصلت على شهادة الماجستير الثانية: في البداية كنت متحمسة وكانت الرحلة بكل تفاصيلها ومشاهدها وعلاقاتها وتوترها عظيمة وتخطف الأنفاس, في منتصف رحلة الدراسة دخلت في دوامة الضغط, ندمت وحاولت الانسحاب لكن شجعني الأصدقاء على الاستمرار, وفي نهايتها كانت رائعة وفوق التوقعات, أثنت لجنة المناقشة على بحثي وشجعوني على اكمال الدكتوراة, كنت منبهرة بردة فعلهم وخرجت أركض في شوارع بادوفا وأصرخ, لم أتوقع أبدًا أبدًا ردة الفعل هذه من اللجنة, أنا الأقل من بين دفعة الدراسة مهارة وخبرة في المجال أحصل على هذا الثناء والاعجاب! لكنه كرم الله وتوفيقه ومنته.

في أشد أيام حياتي ازدحامًا, تزوجت من الرجل الذي أحببته .. كنت قلقة وكأن الريح تحتي, وفعًلا لا يمكنني وصف مشاعري تلك الأيام, أنا سعيدة الآن ولدي عائلة جديدة تصنع بهجة أيامي, انفصالي عن أمي هو الأصعب في كل هذه التجربة, أشتاق لها كل يوم ودقيقة وثانية, كنت أعرف أني أحب أمي كثيرًا لكني اكتشفت أني أحبها أكثر من أي شي آخر في العالم, أكثر حتى من نفسي.

قدمت دورتين وورشتين عن التسويق ومحاضرة عن التخفف, استمتعت بهذه التجارب بالاضافة للدخل المالي, قرأت العديد من الكتب التسويقية والمقالات لأطور مهاراتي وأتمنى أن أعود لتقديمهم قريبًا.

احتفلت بعيد ميلادي ال 29 بين باريس وفينيسا, وكان أفضل أعياد ميلادي حتى اليوم.

في بداية السنة فقدنا احدى عماتي, توفاها الله بعد معاناة لأشهر مع المرض, تلقيت الخبر وأنا في جدة لتقديم ورشة تدريبية, لم يكن تلقي الخبر بالأمر السهل, ولم يكن قرار المضي في تقديم الورشة بالأمر السهل أيضًا, بكيت لعدة أسابيع وأبكي الآن وأنا أتذكرها, رحيلها ترك في قلبي فجوة, رحمها الله وموتى المسلمين وجمعنا بهم في جناته.

توظفت واستقلت وتوظفت: ولعل هذا أسوأ قراراتي في هذه السنة, لم أندم على أمر في الخمس سنوات الماضية مثل ندمي على قرار الوظيفة, وأنا اليوم بالرغم من الدخل المادي العالي نسبيًا الا أني غير راضية عن مهاراتي وتطوري, بل أشعر أن مهاراتي التسويقية تراجعت بشكل محبط.

تقلصت دائرة الأصدقاء: خسرت علاقات أحبها, واكتأبت ليالي بسببها بالمقابل تعرفت على حنان وديمة, حنان زميلة الدراسة في بادوفا, جمعتنا أرض بعيدة عن الوطن والتقينا بعدها بعدة أشهر في جدة ثم تجدد اللقاء في ايطاليا مرة أخرى, وديمة .. زميلة العمل, تقريبًا وجودها تقريبًا هو المشجع الوحيد لاستيقاظي اليومي والذهاب للعمل.
أيضًا هناك مريم, زميلة دراسة من المغرب, ابتسامتها جميلة ولطيفة, ستستقر مريم في أمريكا قريبًا ان شاء الله بعد زواجها, أمر جيد أن يكون لك أصدقاء حول العالم.

تعرفت على اليوقا, بدأت العلاقة في نهاية 2017 وساعدتني في السيطرة على مشاعري في أوقات معينة وعلاج آلام معينة تزورني من فترة لفترة في الركبة, لكن لم أتمكن من الاستمرار بسبب انشغالي والضغوطات المالية والنفسية.

صرفت أكثر من 300 ألف ريال بشكل عشوائي, لم يكن لدي وقت للخطط المالية وتقريبًا نادمة على هذا الاسراف غير المنطقي لكنه نوعًا ما كما تقول أمي مبرر, في ظل كل هذه الأمور لن أتمكن من السيطرة على كل شئ.

صرت أيفونية بدون تخطيط في يوم وليلة بعد سنوات من العيش مع نظام الاندرويد قرر خالد نقلي تكنولوجيًا وأهداني آيفون, وحقيقة أنا منبهرة بالكاميرا وأصور تقريبًا كل شئ.

انتهت 2018 بعكس مابدأت به, هدوء لذيذ ومنزل دافىء وزوج محب واستقرار نفسي, حاليًا أعيش أيام كسولة, أنام ساعات طويلة, بدون خطط ولا أهداف, آكل طوال الوقت وأتسوق عبر الانترنت,, أهتم بصحة بشرتي, وأحاول أكتشف الرياض في نهاية الأسبوع.
أرغب بالطبع الالتزام بنظام غذائي والعودة لليوقا والمشي وتعلم القيادة والعيش بلا نفايات, لكن لست في مزاج مناسب للتخطيط, أحتاج مساحة حرة لفترة من الوقت.

سنة مدهشة أتمناها لكم!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *