رواية تدور أحداثها في بيت واحد، لا تأبه للخارج ولكل مايدور فيه من صراعات وحروب ومشاكل، رواية تفتح شهيتك للانتقال حالًا لمزرعة فيها قن دجاج وبقرة ومطبخ فسيح تضيئه الشمس.
على قدر الظلم والتسلط والحزن داخلها، الا أنها تحمل لذة غريبة، تجعلك ترغب في التهام الصفحات دفعة واحدة.
تحكي الرواية قصة عائلة من أم قوية “ماما ايلينا” و ثلاث بنات وخادمة عجوز، تعيش العائلة في مزرعة وتعتمد على محصولها في الغذاء، وللتقاليد المتوارثة احترام كبير وتقديس، حيث تمنع التقاليد زواج البنت الصغرى -تيتا بطلة الرواية- ويشترط بقاؤها عزباء لرعاية والدتها حتى وفاتها، ومن هنا تتشكل مشكلة الرواية، حيث تدافع تيتا البنت الصغرى عن حبها وحريتها بكامل قوتها وجهدها.
تعيش تيتا في مطبخ المنزل تقريبًا، أقصد تقضي أغلب ساعات اليوم في المطبخ مع الخادمة العجوز ومنه تنشأ العلاقة بين تيتا والأطباق، حيث تتعلم الوصفات المعقدة والصعبة وتتقنها بمهارة عالية.
تأخذنا تيتا من خلال يومياتها لعالم حالم لايخلو من القسوة والقهر، وتعلمنا كيف يدافع الإنسان عن حريته، وكيف ينتزعها.
“لاورا اسكبيل” كتبت الرواية بأسلوب سلس ممتع لذيذ ممتنع،وترجمها صالح علماني باحترافية بالغة جعلتني أعيد قراءة بعض الصفحات عدة مرات لقراءة مابين السطور أو للغرق أكثر بجمال اللغة.
“بيدرو” حبيب تيتا، أحد أعمدة الرواية أيضًا، يشكل مع تيتا لوحة مختلطة من الأمل والاصرار والضعف والفشل والنجاح أخيرًا، لم تظهر الكاتب أي جانب من شخصية بيدرو غير تعلقه الشديد بتيتا ورغبته الصادقة بالزواج منها، هذه الرغبة التي اعترضت عليها ماما ايلينا بل حاربتها بكل قوة وجهد، حيث نسقت لتزويج بيدرو من أخت تيتا الكبرى، الذي وافق بدوره ليكون قريبًا من تيتا.
هنا توقفت عدة أيام، أحاول استيعاب كيف يتشكل الحب رغمًا عنا، كيف يكون الحب الصادق النقي متفردًا، لايأبه بجرم والديك، كشفت لاورا عن جانب آخر من شخصية تيتا، رسمت لوحة من الحب الصادق العذب بين تيتا وأبناء أختها، بالرغم من كرهها الشديد لأختها إلا أن هذا لم يقف أمام مشاعرها الجميلة تجاه أطفالها.
مع آخر صفحة في الرواية وجدتني أقفز لمطبخي، أبحث عن أطباق أتعلمها أو أبتكرها، فجأة انتابتني رغبة عارمة في اعادة ترتيب حياتي وأولوياتي، في نفض الغبار عن نفسي وأفكاري وحياتي.
باختصار الرواية فاتحة شهية للطبخ، للحياة، للحب، للكتابة، للأمل، للإصرار.
اترك تعليقاً